الاستعارة
- ذلك من سنن العرب. هي أن تستعير للشيء ما يليق به، ويضعوا الكلمة مستعارة له من موضع آخر. كقولهم في استعارة الأعضاء لما ليس من الحيوان: رأسُ الأمرِ، رأسُ المال، وجهُ النَّار، عين الماءِ، حاجِبُ الشَّمس، أنفُ الجبل، أنفُ الباب، لِسانُ النَّارِ، رِيقُ المُزْنِ، يَدُ الدَّهرِ، جَناحُ الطَّريقِ، كَبِدُ السَّماءِ، ساقُ الشَّجَرَةِ.
وكقولهم في التَّفرُّق: انْشَقَّتْ عَصاهُمْ، شالَت نَعامَتهم، مرُّوا بين سمع الأرض وبَصرِها، فَسا بينَهم الظِّربان.
وكقولهم في اشتداد الأمر: كَشَفَتِ الحَرْبُ عن ساقِها، أبدى الشَّرُّ عن ناجِذَيه، حَمِيَ الوَطيسُ، دارَتْ رحى الحَربُ.
وكقولهم في ذكر الآثار العُلويَّة: افتَرَّ الصُبْحُ عن نواجِذَهُ، ضَرَبَ بِعَموده، سُلَّ سَيفُ الصُّبْحِ من غِمد الظَّلام، نَعَرَ الصُّبحُ في قفا الليل، باحَ الصُّبحُ بِسرِّهِ، وهي نطاق الجوزاء، انحَطَّ قِنْديلُ الثُرَيَّا، ذّرَّ قرْن الشَّمس/ ارتَفع النَّهار، ترحَّلت الشَّمس، رَمَتِ الشَّمس بِجَمَرات الظَّهيرَةِ، بَقَلَ وجهُ النَّهار، خَفَقَتْ راياتُ الظَّلام، نَوَّرت حدائِقُ الجوِّ، شابَ رأسُ الليل، لَبِسَت الشَّمس جِلبابها، قام خَطيب الرَّعد، خَفَقَ قَلب البَرق، انحَلَّ عِقْدُ السَّماء، وَهَى عِقد الأنداد، انْقَطَعَ شِريان الغَمام، تَنفَّسَ الرَّبيع، تَعَطَّرَ النَّسيمُ، تَبَرَّجَت الأرضُ، قَوِيَ سلطان الحرِّ، آنَ أن يَجيشَ مِرْجَلُهُ، ويثورَ قَسْطُلُه، انْحَسَرَ قِناع الصَّيف، جاشَت جُيوشُ الخَريفِ، حَلَّت الشَّمس الميزان، وعَدَل الزَّمان، دبَّت عَقاربُ البردِ، أقدمَ الشِّتاء بِكَلْكَلِه، شابَت مَفارِقُ الجِبالِ، يوم عبوسٌ قَمْطَرير، كشَّرَ عن نابِ الزَّمْهَرير.
وكقولهم في محاسن الكلام: الأدَبُ غِذاءُ الرُّوح، الشَّباب باكورَةُ الحَياةِ، الشَّيب عنوان الموت، النَّار فاكهة الشِّتاء، العِيال سوسُ المال، النَّبيذُ كيمْياء الفَرَح، الوحدة قَبر الحيِّ، الصَّبر مفْتاحُ الفَرَج، الدَّين داء الكرم، النَّمَّام جسرُ الشرِّ، الإرجافُ زَندُ الفِتنةِ، الشُّكرُ نسيمُ النَّعيم، الرَّبيع شبابُ الزَّمان، الولَدُ ريحانَةُ الروحِ، الشَّمس قَطيفَةُ المساكين، الطِّيب لسانُ المُروءة.
- من استعارات القرآن: "وإنَّهُ في أمِّ الكتاب" "لِتُنْذِرَ أُمَّ القُرى ومَنْ حَولَها" "واخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ منَ الرَّحمَةِ" "والصُّبحِ إذا تَنَفَّس" "فَأذاقَها اللهُ لِباسَ الجوعِ والخَوفِ" "كُلَّما أوْقَدوا ناراً للحَربِ أطْفَأها الله" "أحاطَ بِهمْ سُرادِقُها" فَما بَكَتْ عَلَيهمُ السَّماءُ والأرضُ" "وامْرَأتُهُ حمَّالَةَ الحَطَبِ" واشْتَعَلَ الرَّأسُ شَيبا" "وآيَةٌ لَهُمُ اللَّيلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ" "فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذاب" "وَلَمَّا سَكَتَ عن موسى الغَضَبُ".
ومن الاستعارات في الأشعار العربية قول امرئ القيس:
فقلْتُ لهُ لمَّا تَمَطَّى بِصُلْبِهِ * وأرْدَفَ أعْجازاً وناءَ بِكَلْكَلِ
وقول زهير:
وَعُرَّى أفراسُ الصِّبا ورواحِلُهْ
وقول لبيد:
إذْ أصْبَحَتْ بِيَدِ الشَّمالِ زِمامُها
فأما أشعار المُحدَثينَ في الاستعارات فأكثر من أن تُحصى